ثانيها
ـ الأدلة النصية، وهي الأدلة الواردة في القرآن الكريم والسنة المطهرة وما يفسرها
من الروايات والشروح وأقوال الفقهاء، وهي تتوجه للمسلمين الملتزمين خصوصا، لتبين
لهم أن الشريعة التي آمنوا بها شريعة شاملة لجميع مناحي الحياة، ولذلك لا يصح أن
يتوجه المؤمنون لله بالعبادة في صلاتهم وصومهم، في نفس الوقت الذي يضيعون فيه
أوامر الله المرتبطة بالثقافة والاقتصاد والسياسة وسائر شؤون الحياة.
وقد
استعمل قادة الثورة الإسلامية الإيرانية كلا الأسلوبين في البرهنة على وجوب تطبيق
الشريعة الإسلامية، واعتبار أحكامها قوانين قطعية تخضع لها كل المؤسسات، ولا خيار
لها في تطبيقها، باعتبارها أوامر الله ورسوله، وقد قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ
لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ
يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 36]
وسنحاول
هنا ـ باختصار أن نورد كلا الصنفين من الأدلة ـ من خلال المصادر التي سبق ذكرها.
1 ـ
البراهين العقلية والواقعية على شرعية الحكومة الإلهية:
تنطلق
كل القوانين الوضعية، والفلسفات التي تقوم عليها من محاولة الوصول بالمجتمعات إلى
تحقيق النظام والسعادة والرفاه، وتحاول أن تبحث عن أقرب السبل التي يمكنها تحقيق
ذلك، من غير أن تصطدم بأي عقبة، لكنها لم تفلح في تحقيق ذلك في الواقع، نتيجة تنوع
البشر واختلاف مصالحهم وأذواقهم وطبائعهم وتصوراتهم للحياة، بحيث يستحيل أن يرضى
الجميع بنظام واحد.
وقد
نقل العلامة الكبير وحيد الدين خان في كتابه [الإسلام يتحدى] عن فلاسفة القانون
الغربي الاعتراف بهذا الإشكال الكبير، وقدم لذلك بقوله: (السؤال الأساسي الذي يفرض
نفسه عند البحث في المشكلات الحضارية يكون دائما عن التشريع أو الدستور، فهذه