المعطاة
لأي جهة، وإنما المشكلة تكمن في تعامل تلك الجهة مع الصلاحيات التي أعطيت لها، وهل
تعاملت معها بحكمة وأمانة وعلم أم لم تتعامل بذلك كله.
ذلك
أنه لا يمكن لأي شخص أو مؤسسة أن تنفذ مشروعها ما لم تعط الصلاحيات التي تسمح لها
بتنفيذه، وقد أشار إلى هذا قوله تعالى عن يوسف عليه السلام: ﴿قَالَ
اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) وَكَذَلِكَ
مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ
بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) ﴾
[يوسف: 55 - 57]
فيوسف
عليه السلام كما تنص الآيات الكريمة قد أعطاه الله من العلم ما استطاع به أن يضع
مشروعا لمواجهة المجاعة التي ستحل بالمصريين، وقد أخبر عزيز مصر عن ذلك المشروع،
ولكن بما أنه لا يمكن تنفيذه إلا لصاحب الخبرة الكافية، مع الأمانة والحفظ، فقد
رأى يوسف عليه السلام أنه لا يمكن لأحد أن يؤدي هذا الدور غيره؛ فطلب إعطاءه
الصلاحيات الكافية لأداء ذلك الدور، والذي عبر عنه القرآن الكريم بالتمكين.
فالتمكين
هو توفير الصلاحيات للحاكم المسلم الذي يجمع بين العلم والأمانة والأخلاق العالية،
والتي تجعله يمارس دوره بكل حرية، لأنه لا يمكن لشخص أن يؤدي دوره الإصلاحي في
الوقت الذي تقيد فيه يده عما ترشده إليه حكمته.
ولهذا
أخبر القرآن الكريم عن سليمان عليه السلام أنه أعطي الصلاحيات الكثيرة التي يمكنه
من خلالها أن يؤدي دوره كحاكم مسلم، وقد قال تعالى مخاطبه له: ﴿هَذَا
عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [ص: 39]
وبناء
على هذا؛ فلا حرج أن يعطى الفقيه الوارث للرسل عليهم السلام ما كان لهم من صلاحيات
في إدارة البلاد، إذا ما كان لديه العلم الكافي بالدين والواقع، بالإضافة إلى
الأخلاق العالية التي تجعله لا يقصد من أي حكم يصدره إلا المصلحة العامة، وخاصة
إذا أضيف إلى ذلك كونه منتخبا من جهة الشعب، ويعمل تحت رقابته، وبمعونة الكثير من