نام کتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 405
ذنوبه، ومن
ساء خلقه عذب نفسه)
وقد يستغرب
هذا، فكيف يحتاج اللسان إلى كل هذه التشديدات والعقوبات، وهو طاقة من طاقات
الإنسان، وهو في العلاقات الاجتماعية ضرورة لا غنى عنه.
وقد أجاب
الغزالي على هذا مبينا الحدود التي يمكن أن يتصرف فيها اللسان، والمخاطر التي
تكتنف تلك الحدود، فقال:(ويدلك على فضل لزوم الصمت أمر، وهو أن الكلام أربعة
أقسام: قسم هو ضرر محض، وقسم هو نفع محض، وقسم فيه ضرر ومنفعة، وقسم ليس فيه ضرر
ولا منفعة، أما الذي هو ضرر محض فلا بدّ من السكوت عنه، وكذلك ما فيه ضرر ومنفعة
لا تفي بالضرر، وأما ما لا منفعة فيه ولا ضرر فهو فضول والاشتغال به تضيـيع زمان
وهو عين الخسران، فلا يبقى إلا القسم الرابع، فقد سقط ثلاثة أرباع الكلام وبقي
ربع، وهذا الربع فيه خطر إذ يمتزج بما فيه إثم من دقائق الرياء والتصنع والغيبة
وتزكية النفس وفضول الكلام امتزاجاً يخفى دركه فيكون الإنسان به مخاطراً)[1]
وكل هذ الأقسام
الأربعة التي ذكرها الغزالي، والتي تدل على حاجة السان إلى إلزامه الصمت في أكثر
الأحيان وردت به النصوص وتظافرت عليه الأدلة.
بل ورد ما
يعتبره من أساسيات الدين وأصوله، فعن معاذ بن جبل قال: كنت مع النبي a في سفر، فأصبحت يوماً قريباً ونحن نسير، فقلت: يا
بني اللّه أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال:(لقد سألتني عن عظيم!
وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة
المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان، وتحج البيت؛ ألا أدلك على أبواب
الخير! الصوم جنة، والصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار، وصلاة الرجل في
جوف الليل؛ ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه! رأس الأمر