نام کتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 308
الكاتب تكلفاً، ثم لا يزال يواظب عليه حتى يصير صفة راسخة في نفسه، فيصدر
منه في الآخر الخط الحسن طبعاً كما كان يصدر منه في الابتداء تكلفاً، فكان الخط
الحسن هو الذي جعل خطه حسناً، ولكن الأول بتكلف إلا أنه ارتفع منه أثر إلى القلب
ثم انخفض من القلب إلى الجارحة فصار يكتب الخط الحسن بالطبع.
ويطبق هذ المثل على التربية الأخلاقية، فيقول:(وكذلك من أراد أن يصير فقيه
النفس فلا طريق له إلا أن يتعاطى أفعال الفقهاء، وهو التكرار للفقه حتى تنعطف منه
على قلبه صفة الفقه فيصير فقيه النفس. وكذلك من أراد أن يصير سخياً عفيف النفس
حليماً متواضعاً فيلزمه أن يتعاطى أفعال هؤلاء تكلفاً حتى يصير ذلك طبعاً له، فلا
علاج له إلا ذلك، وكما أن طالب فقه النفس لا يـيأس من نيل هذه الرتبة بتعطيل ليلة
ولا ينالها بتكرار ليلة، فكذلك طالب تزكية النفس وتكميلها وتحليتها بالأعمال
الحسنة لا ينالها بعبادة يوم ولا يحرم عنها بعصيان يوم)[1]
ولهذا كانت العبادات حميعا تستدعي التكرار وتتطلبه لتؤتي ثمارها التي أرادها
الشرع، ولذلك قال تعالى في
الصلاة: ﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى
صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ (المعارج:23)، وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ
بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ (الأنعام:92)
وقد ورد في الحديث قوله a:(أحب الأعمال إلى
اللّه أدومها وإن قلّ)[2]، وقالت عائشة :(وكان
رسول اللّه a إذا عمل عملاً
داوم عليه)، وقال لابن عمرو :(يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل، فترك قيام
الليل)[3]