نام کتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 307
فيها مجاهد نفسه ومتكلف إلى أن يصير ذلك خلقاً له وطبعاً فيتيسّر عليه)[1]
ثم قال معمما ذلك على سائر الأخلاق:(وجميع الأخلاق المحمودة شرعاً تحصل بهذا
الطريق، وغايته أن يصير الفعل الصادر منه لذيذاً فالسخي هو الذي يستلذ بذل المال
الذي يبذله دون الذي يبذله عن كراهة، والمتواضع هو الذي يستلذ التواضع ولن ترسخ
الأخلاق الدينية في النفس، ما لم تتعود النفس جميع العادات الحسنة وما لم تترك
جميع الأفعال السيئة، وما لم تواظب عليه مواظبة من يشتاق إلى الأفعال الجميلة
ويتنعم بها، ويكره الأفعال القبـيحة ويتألم بها، كما قال: (وَجُعِلَتْ قُرَّةُ
عَيْنِي فِي الصَّلاةِ)، ومهما كانت العبادات وترك المحظورات مع كراهة واستثقال
فهو النقصان ولا ينال كمال السعادة به)
المواظبة:
انطلاقا من
الركن الأول، فإن حمل النفس على خلق من الأخلاق لن يؤتي ثماره بترسيخ الخلق في
النفس إلا بالمواظبة والتكرار، فللتكرار أثره العظيم في ترسيخ الخلق، كما أن
للتكرار أثره في ترسيخ أي شيء من الأشياء في الذاكرة، قال الغزالي:(وهذا من عجيب
العلاقة بـين القلب والجوارح ـ أعني النفس والبدن ـ فإن كل صفة تظهر في القلب يفيض
أثرها على الجوارح حتى لا تتحرك إلا على وفقها لا محالة، وكل فعل يجري على الجوارح
فإنه قد يرتفع منه أثر إلى القلب، والأمر فيه دور)[2]
ويضرب لذلك مثالا بمن أراد أن يصير الحذق في الكتابة له صفة نفسية ـ حتى
يصير كاتباً بالطبع ـ فلا طريق له إلا أن يتعاطى بجارحة اليد ما يتعاطاه الكاتب
الحاذق ويواظب عليه مدة طويلة يحاكي الخط الحسن، فإن فعل الكاتب هو الخط الحسن
فيتشبه