ونحن وإن كنا لا نسلم بصحة هذا القياس إلا أنه مع ذلك،
فإن هناك خلافا قديما في المسألة ينص على عدم سقوط النفقة في حال نشوز الزوجة، وهو
قول الظاهرية، وقول كثير من المالكية[2]، وقد
ذكر ابن حزم الأدلة الكثيرة على هذا القول، والتي يمكن الاستفادة منها هنا:
1 ـ أن الله تعالى بين ما على الناشز فقال: ﴿
وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي
الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ
سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ (النساء:34)، فأخبر تعالى
أنه ليس على الناشز إلا الهجر والضرب ، ولم يسقط عز وجل نفقتها ولا كسوتها.
2 ـ عن حكيم بن معاوية القشيري قال: قلت: يا رسول الله
ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال:(أن تطعمها إذا
طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تضرب الوجه ، ولا تقبح ، ولا تهجر إلا في البيت)[3] فعم
رسول الله a كل النساء ولم يخص ناشزا من غيرها ، ولا
صغيرة ولا كبيرة ، ولا أمة مبوأة بيتا من غيرها.
وقد رجحنا هذا القول في محله لعدم أي دليل نصي صريح يدل
على عدم النفقة للناشز مقابل وجود الأدلة الصريحة الكثيرة على استحقاقها النفقة،
زيادة على أنه a أشار في خطبته في حجة الوداع إلى هذا
إشارة صريحة حين قال:(فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن
بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله تعالى، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم
أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم