بل ورد في حديث آخر ما هو أعظم من ذلك، حيث عبر بأفعل
التفضيل ليدل على أن من الكمال شكر وسائط الجود الإلهي، ليني ما قد يتوهم من أن
ذلك مناف للتوحيد، قال r:(إن أشكر الناس
لله تعالى أشكرهم للناس)[2]
وفي هذا المجال، فقد دعا a إلى
مقابلة الإحسان بالشكر والثناء والاعتراف بالفضل لأهل الفضل، قال r:(من
أعطى عطاء فوجد فليجز به، فإن لم يجد فليثن فإن من أثنى فقد شكر، ومن كتم فقد كفر)[3]، وقال
r:(من أولى معروفا فليذكره فمن ذكره فقد شكره، ومن كتمه
فقد كفره)[4]، وقال
r:(من لم يشكر القليل لا يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس
لا يشكر الله والتحدث بنعمة الله شكر وتركها كفر)[5]
بل اعتبر a المثني على الخير
والشاكر له في درجة العامل به، فعندما أعجب المهاجرون بأخلاق الأنصار وتضحياتهم في
سبيل الله، قالوا لرسول الله a:(يا رسول الله
ذهب الأنصار بالأجر كله؟ ما رأينا قوما أحسن بذلا للكثير، ولا مواساة في القليل
منهم، ولقد كفونا المؤونة)، فقال a:(أليس تثنون
عليهم به وتدعون لهم؟) قالوا:(بلى)، قال:(فذاك بذاك)[6]
وسر ذلك ـ والله أعلم ـ أن التشجيع على الخير بالذكر له
ونشره والثناء عليه من
[1]
رواه أبو داود والترمذي وقال حديث صحيح، قال الحافظ المنذري: روى هذا الحديث برفع
الله وبرفع الناس، وروى أيضا بنصبهما وبرفع الله وبنصب الناس وعكسه، أربع روايات.