نام کتاب : أحكام الطلاق والفسخ وآثارهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 52
الإسلام، ولا تخرج هذه القاعدة التي
نذكرها عن ذلك، فلا يكاد يوصل إلى التحليل بعد مجاوزة جميعها إلا في أندر النادر، ولا
ريب أن من نصح لله ورسوله وكتابه ودينه، ونصح نفسه ونصح عباده أن أيا منها ارتكب
فهو أولى من التحليل)
[1]
وهذه القاعدة
تستدعي إحسان الظن بالعلماء، واللجوء إليهم على اختلاف مذاهبهم لعلاج المشكلات
الواقعية، وإصلاح ما يفسده المتعصبون الذين يفتون بآرائهم، أو بما يفهمونه من
الأدلة، بغض النظر عن الواقع وحاجات الناس ومصالحهم.
وقد نص ابن
القيم على أنه إذا حلف بالطلاق ألا يكلم فلانا أو لا يدخل داره، فأفتاه مفت بعدم
وقوع الطلاق في هذه اليمين، اعتقادا لقول علي بن أبي طالب وطاوس وشريح، أو اعتقادا
لقول أبي حنيفة والقفال في صيغة الالتزام دون صيغة الشرط، أو اعتقادا لقول أشهب
أنه إذا علق الطلاق بفعل الزوجة أنه لم يحنث بفعلها، أو اعتقادا لقول أبي عبد
الرحمن الشافعي أجل أصحاب الشافعي إن الطلاق المعلق لا يصح كما لا يصح النكاح
والبيع والوقف المعلق، وهو مذهب جماعة من أهل الظاهر.
قال ابن القيم:(لم يحنث في ذلك كله، ولم
يقع الطلاق، ولو فرض فساد هذه الأقوال كلها فإنه إنما فعل المحلوف عليه متأولا
مقلدا ظانا أنه لا يحنث به، فهو أولى بعدم الحنث من الجاهل والناسي، وغاية ما يقال
في الجاهل إنه مفرط حيث لم يستقص، ولم يسأل غير من أفتاه، وهذا بعينه يقال في
الجاهل إنه مفرط حيث لم يبحث، ولم يسأل عن المحلوف عليه، فلو صح هذا الفرق لبطل
عذر الجاهل ألبتة، فكيف والمتأول مطيع لله مأجور إما أجرا واحدا أو أجرين؟)[2]