حينها
بدأت معركتكم مع المعتدين الظالمين، لا مع غيرهم من المسالمين حتى لو كانوا يهودا
أو مشركين، لأنكم لم تؤمروا بالحرب من أجل نشر الدين، وإنما أمرتم بها لتدافعوا عن
أنفسكم، كما قال تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ
يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾
[البقرة: 190]
حينها
تحول الإسلام من دين المستضعفين الساكنين إلى دين المستضعفين المقاومين، ذلك أنه
لا يمكن لدين يراد منه أن يخلص البشرية جميعا من الاستكبار والطغيان، ألا يشرع فيه
القتال، وكيف لا يشرع، والمستكبرون لا يعرفون سوى لغة السلاح.
ولذلك
فإن الذين يعاتبونكم، ويتصورون أن الإسلام قد تغير بسبب تلك الأوامر بجهاد
المعتدين، لم يفهموا الإسلام، ولم يعيشوا الظروف التي عشتم فيها، وهل يمكن أن
يتحرر المستضعفون من نير المستكبرين من دون مقاومة؟
ومثلهم،
بل أشد منهم أولئك الذين توهموا أن أوامر الله تعالى لكم بجهاد المعتدين الذين
يظلمونكم تنسخ تلك الآيات التي تأمرهم بالصبر والصفح والعفو وتحمل الأذى، فذلك كله
وهم، فآيات الله هي كلماته التي لا تبدل ولا تغير، وإنما توضع في مواضعه
المناسبة.. والأصل هو العفو والسماحة والسلام، لكن إن ووجهت
نام کتاب : رسائل إلى الصحابة المنتجبين نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 40