وذكر
نصرتك للحق، وتضحيتك في سبيله، وإيثارك للموت في الصحراء على الموت في المدينة،
فقال: (لم يبق اليوم أحد لا يبالي في الله لومة لائم غير أبي ذر) ثم ضرب بيده إلى
صدره[2].
ولما
لك من هذه المنزلة الرفيعة في الدين، فقد شاء الله أن تبتلى كما ابتلي الأنبياء
والأولياء والأمثل فالأمثل، وقد بشرك رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بذلك، وقد قلت تحدث عن نفسك:
بينا أنا واقف مع رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فقال لي: (يا أبا ذر أنت رجل صالح، وسيصيبك بلاء
بعدي)، قلت: في الله؟ قال: (في الله)، قلت: مرحبا بأمر الله[3].بل
إنه أخبر عن هيئة موتك والجماعة التي تتشرف بالصلاة عليك، وأخبر أنك في حياتك
جميعا، وبسبب نصرتك للحق، ستكون وحدك، فقال: (يرحم الله أبا ذر يمشى وحده ويموت
وحده ويبعث وحده) [4]
1. معرفة الحق:
دعني ـ
سيدي ـ قبل أن أذكر دورك في نصرة الحق، أذكر معرفتك للحق، وتربية الله وهدايته لك
إليه، وأنت في تلك الصحراء القاحلة، بين قوم امتلأوا شركا وضلالا، لكنك كنت المميز
بينهم.. حيث رحت تبحث عن الله، وتصلي له، قبل أن تسمع برسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم.