ذلك الذي لا نزال نقرأ رسالته التي كتبها لأهلها
حينها، يبشرهم بالإسلام المحمدي الأصيل الذي لم يدنسه أصحاب الملك العضوض.
لقد كتب في رسالته [2] يقول لهم: (الحمدلله الذي جعل النصر لمن أطاعه،
وعاقبة السوء لمن عَندَ عنه، ولا إله إلا الله المتفرد بالوحدانية، الدال على ذلك
بما أظهر من عجيب حكمته ولطف تدبيره، الذي لا يُدْرَكُ إلابأعلامه وبيناته، سبحانه
منزهاً عن ظلم العباد وعن السوء والفساد، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ
السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى:10]، وصلى الله على محمد عبده ورسوله
وخيرته من جميع خلقه، انتجبه واصطفاه واختاره وارتضاه صلوات الله عليه وعلى آله
أجمعين)
ثم ذكر بعد هذه الديباجة أهدافه من دعوته لهم، فقال:
(إنِّي أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه a، وإلى
العدل في الرَّعية، والقسم بالسوية، ودفع الظالم والأخذ بيد المظلوم، وإحياء السنة
وإماتة البدعة، وإنفاذ حكم الكتاب على القريب والبعيد، فاذكروا الله في ملوك
تَجبَّروا وفي الأمانات ختروا، وعهود الله وميثاقه نقضوا، وولد نبيه قتلوا،
وأذكركم الله في أرامل افتقرت، ويتامى ضُيِّعَتْ، وحدود عطلت وفي دماء بغير حق
سفكت، قد نبذوا الكتاب والإسلام ورآء ظهورهم كأنهم لايعلمون، فلم يبقَ من الإسلام
إلا اسمه ولا من القرآن إلا رسمه)
ثم بين لهم ضرورة مواجهة تلك التحريفات التي قام بها
أصحاب الملك العضوض، فقال: (واعلموا عباد الله أن مما أوجب الله على أهل طاعته
المجاهدة لأهل عداوته ومعصيته