وقلت له فيه:
(ولا يكونن المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء، فإن في ذلك تزهيدا لأهل الإحسان في
الإحسان، وتدريبا لأهل الإساءة على الإساءة وألزم كلا منهم ما ألزم نفسه. واعلم
أنه ليس شيء بأدعى إلى حسن ظن راع برعيته من إحسانه إليهم، وتخفيفه المئونات
عليهم، وترك استكراهه إياهم على ما ليس له قبلهم. فليكن منك في ذلك أمر يجتمع لك
به حسن الظن برعيتك، فإن حسن الظن يقطع عنك نصبا طويلا. وإن أحق من حسن ظنك به لمن
حسن بلاؤك عنده، وإن أحق من ساء ظنك به لمن ساء بلاؤك عنده) [2]
وقلت له فيه:
(ولا تنقض سنة صالحة عمل بها صدور هذه الأمة، واجتمعت بها الألفة، وصلحت عليها
الرعية. ولا تحدثن سنة تضر بشيء من ماضي تلك السنن، فيكون الأجر لمن سنها، والوزر
عليك بما نقضت منها) [3]
إلى آخر
كتابك له، والذي يمثل الفقه السياسي الإسلامي بأجمل صوره، وأرفع قيمه.
وهكذا كتبت
لآخر تقول: (إذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبّهة،
أو مخيلة، فانظر إلى عظم ملك الله فوقك، وقدرته منك على ما لا تقدر عليه من نفسك،
فإنّ ذلك يطامن إليك من طماحك، ويكفّ عنك من غربك، ويفيء إليك بما غرب عنك من
عقلك)[4]