نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 45
فيها.. لكنك
هربت من الفتنة..
لقد قلت
مخاطبا لمن جاءك بذلك: (أيها الناس، شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة، وعرجوا عن طريق
الـمنافرة، وضعوا تيجان الـمفاخرة. أفلح من نهض بجناح، أو استسلم فأراح، ماء آجن،
ولقمة يغص بها آكلها، ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه، فإن أقل
يقولوا: حرص على الـملك، وإن أسكت يقولوا: جزع من الموت! هيهات بعد اللتيا والتي،
والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه، بل اندمجت على مكنون علم لو
بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة!)[1]
لقد ذكر
المؤرخون كيف توافد عليك الناس من كل حدب وصوب.. وكيف جاءك المهاجرون والأنصار..
كلهم يرغب في أن تتولى أمر المسلمين.. وهم يقولون لك: يا أبا الحسن هلم نبايعك؟..
وكنت تقول لهم: لا حاجة لي في أمركم، فقالوا: ما نختار غيرك.. فاختلفوا إليك
مرارا، وأصرّوا عليك إصرارا، واضطروك إلى القبول اضطرارا[2]..
فلم تجد إلا أن التكليف الشرعي أصبح ملزما لك بالقبول.. فقبلت.. فقد كنت
تقول: (الواجب في حكم
الله وحكم الإسلام على
المسلمين، بعدما يموت إمامهم، أو يقتل ضالّا أو مهديا، أن لا يعملوا عملا، ولا
يقدموا يدا ولا رجلا قبل أن يختاروا لأنفسهم إماما عفيفا، عالما، ورعا، عارفا
بالقضاء والسّنّة يجبي فيئهم ويقيم حجمهم، وجمعهم، ويجبي صدقاتهم)[3]، ولم يكن أحد من الناس تتوفر فيه هذه الصفات
غيرك.