نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 232
ووضع
المعايب والمثالب له، ولعنوه على جميع المنابر، وتوعدوا مادحيه بل حبسوهم وقتلوهم،
ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة أو يرفع له ذكراً، حتى حظروا أن يسمى أحد
باسمه، فما زاده ذلك إلا رفعة وسمواً، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه، وكلما كتم
يتضوع نشره، وكالشمس لا تستر بالراح، وكضوء النهار إن حجبت عنه عينا واحدة أدركته
عيون كثيرة، وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة، وتنتهي إليه كل فرقة، وتتجاذبه
كل طائفة، فهو رئيس الفضائل وينبوعها وأبو عذرها)[1]
وقال فيك ابن
أبي الحديد ـ وهو إمام من كبار أئمة المعتزلة ـ تعليقا على قولك: (فعند اللّه
نحتسبه ولدا ناصحا، وعاملا كادحا، وسيفا قاطعا، وركنا دافعا): (انظر إلى الفصاحة
كيف تعطي هذا الرجل قيادها، وتملكه زمامها، فسبحان الله من منح هذا الرجل هذه
المزايا النفيسة، والخصائص الشريفة، أن يكون غلام من أبناء عرب مكة لم يخالط
الحكماء، وخرج أعرف بالحكمة من أفلاطون وأرسطو، ولم يعاشر أرباب الحكم الخلقية،
وخرج أعرف بهذا الباب من سقراط، ولم يرب بين الشجعان لأن أهل مكة كانوا ذوي تجارة،
وخرج أشجع من كل بشر مشى على الأرض) [2]
وقال ـ
تعليقا على قولك: (سلكوا في بطون البرزخ سبيلا سلّطت الأرض عليهم فيه، فأكلت من
لحومهم، وشربت من دمائهم): (وإني لأطيل التعجب من رجل يخطب في الحرب بكلام يدل على
أن طبعه مناسب لطباع الأسود، ثم يخطب في ذلك الموقف بعينه إذا أراد الموعظة بكلام
يدل على أن طبعه مشاكل لطباع الرهبان الذين لم يأكلوا لحماً ولم يريقوا دماً،
فتارة يكون في صورة بسطام بن قيس (الشجاع)، وتارة يكون في صورة سقراط والمسيح بن
مريم (عليهما السلام) الإلهي، وأقسم بمن تقسم الأمم كلها