نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 202
المتجرّم
عليها أم هي المتجرّمة عليك؟ متى استهوتك أم متى غرّتك؟ أ بمصارع آبائك من البلى؟
أم بمضاجع أمّهاتك تحت الثّرى؟ كم
علّلت بكفّيك، وكم مرّضت بيديك؟ تبتغي لهم الشّفاء، وتستوصف لهم الأطبّاء غداة لا
يغني عنهم دواؤك، ولا يجدي عليهم بكاؤك، لم ينفع أحدهم إشفاقك، ولم تسعف فيه بطلبتك،
ولم تدفع عنه بقوّتك، وقد مثّلت لك به الدّنيا نفسك، وبمصرعه مصرعك)
ثم بينت له
الموقف الصحيح من الدنيا، فقلت: (إنّ الدّنيا دار صدق لمن صدقها، ودار عافية لمن
فهم عنها، ودار غنى لمن تزوّد منها، ودار موعظة لمن اتّعظ بها، مسجدا أحبّاء
اللّه، ومصلّى ملائكة اللّه، ومهبط وحي اللّه، ومتجر أولياء اللّه، اكتسبوا فيها
الرّحمة، وربحوا فيها الجنّة.. فمن ذا يذمّها وقد آذنت ببينها، ونادت بفراقها،
ونعت نفسها وأهلها؟ فمثّلت لهم ببلائها البلاء، وشوّقتهم بسرورها إلى السّرور،
راحت بعافية، وابتكرت بفجيعة ترغيبا وترهيبا، وتخويفا وتحذيرا، فذمّها رجال غداة
النّدامة، وحمدها آخرون يوم القيامة، ذكّرتهم الدّنيا فتذكّروا، وحدّثتهم فصدّقوا،
ووعظتهم فاتّعظوا) [1]
وقد وصلنا في
الروايات أيضا أنك سمعت رجلا
يقول: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾، فقلت له: (إنّ قولنا: إِنَّا لِلَّهِ إقرار على
أنفسنا بالملك، وقولنا: وإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ إقرار على أنفسنا بالهلك) [2]
ووصلنا أن
بعض أصحابك رأى عليك إزارا خلقا
مرقوعا، فسألك عنه، فقلت له: (يخشع له القلب، وتذلّ به النّفس، ويقتدي به
المؤمنون، إنّ الدّنيا والآخرة عدوّان متفاوتان، وسبيلان مختلفان، فمن أحبّ
الدّنيا وتولّاها أبغض الآخرة وعاداها، وهما بمنزلة المشرق والمغرب وماش بينهما،
كلّما قرب من واحد بعد من الآخر، وهما بعد