نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 198
وكنت فيها مصداقا لسنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
الذين أخبر الله عن أحدهم، وهو إسماعيل عليه السلام، فقال: ﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ
بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا﴾ [مريم:55]
وكنت فيها مصداقا لسنة الأولياء والحكماء الذين أخبر
الله عن أحدهم، وهو لقمان عليه السلام، فقال: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ
يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم﴾ [لقمان:13]
وقد وردنا من مواعظك لأهلك الكثير مما لا نزال ننعم
به..
ومنها وصيتك
لابنك الحسن[1]، والتي تقول فيها له: (إنّي أوصيك بتقوى الله،
أي بنيّ، ولزوم أمره، وعمارة قلبك بذكره، والاعتصام بحبله، وأيّ سبب أوثق من سبب
بينك وبين اللّه إن أنت أخذت به؟)
ثم رحت تقول له في كلمات جامعة: (أحي قلبك بالموعظة، وأمته
بالزّهادة، وقوّه باليقين، ونوّره بالحكمة، وذلـّله بذكر الموت، وقرّره بالفناء،
وبصّره فجائع الدّنيا، وحذّره صولة الدّهر، وفحش تقلّب اللّيالي والأيّام، واعرض
عليه أخبار الماضين، وذكّره بما أصاب من كان قبلك من الأوّلين، وسر في ديارهم
وآثارهم، فانظر فيما فعلوا وعمّا انتقلوا، وأين حلّوا ونزلوا، فإنّك تجدهم قد
انتقلوا عن الأحبّة، وحلّوا ديار الغربة، وكأنّك عن قليل قد صرت كأحدهم)
إن كل كلمة من هذه الكلمات سيدي تحتاج إلى مجلدات لشرحها، وبيان
الأسرار المودعة فيها، وأنا أعجب من الأمة تركت هذه الحكم الجليلة البارزة من
تلميذ النبوة الأكبر، وراحت تنهل من كلمات الأحبار والرهبان، ممن لم يستوعبوا
الإسلام، ولم يدركوا قيمه.