نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 60
المعاد
تبعاً لاعتقاده بتعدد أنواع البشر، فالإنسان عنده، وإن كان نوعاً واحداً في الظاهر
بحسب ما تخرج مادته الجسمانية من القوة الى الفعل، لكنه متخالف الماهية في الباطن،
بحسب ما يخرج عقله الهيولاني من القوة الى الفعل، فعند خروج النفوس من القوة الهيولانية
تصير أنواعاً متخالفة بحسب غلبة الصفات ورسوخ الملكات، فكل نوع من جنس ما يغلب
عليه من صفات بهيمية أو سبعية أو شيطانية أو ملائكية، وكل فرد من الإنسان يعود الى
مبدئه الذي انشأه، فالبعض يكون الحق علة وجوده ومباشر تكوينه بيديه، فيكون معاده
اليه، وبعض آخر يكون مبدأ وجوده القريب هو آخر مراتب العقول المفارقة، لذا فمعاده
يكون اليه، كما ان هناك بعضاً ثالثاً يكون وجوده بمدخلية بعض الشياطين الذين هم
عمّار عالم الشر، لذلك فمعاده الى النار التي هي أصل وجوده حيث يتألف منها
الشيطان، وهكذا [1].
هذه
خلاصة للرؤى الفلسفية في المسألة، ولكل رؤية منها أدلتها الخاصة بها، والجامع
بينها جميعا هو إثبات استمرارية الحياة بعد الموت، وإن اختلفوا في كيفية تلك
الاستمرارية، ومن أهم الأدلة التي اعتمدوا عليها في ذلك[2]:
1 ـ أن
معلومات الإنسان مجردة عن المواد، فالعلم المتعلق بها يكون لا محالة مطابقاً لها،
فيكون مجرداً لتجردها، فمحله ـ وهو النفس ـ يجب أن يكون كذلك، لاستحالة حلول
المجرد في المادي.
2 ـ
الماديات قابلة للقسمة، وعارض النفس ـ وهو العلم ـ غير منقسم، فمحلّه ـ وهو النفس
ـ لا بد أن يكون كذلك، ثمّ إن محلّ العلوم الكلية لو كان جسماً أو جسمانياً
لانقسمت تلك العلوم، لأن الحالّ في المنقسم منقسم، وانقسام العلوم والمفاهيم
الذهنية مستحيل.
3 ـ إن
النفوس البشرية تقوى على أفعال وإدراكات لا تتناهى، كتعقّل الأعداد غير