نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 537
الموجودات
مقاما عاليا رفيعا، ووظيفةً ذات مغزى، حيث إنها مكاتيب ربانية، ومرايا سبحانية،
وموظفات مأمورات إلهية. فالكفرُ فضـلا عن إسقاطهِ تلك الموجودات من مرتبة التوظيف
ومنـزلة التسخير ومهمة العبودية، فإنه كذلك يُرديها إلى درك العَبَث والمصادفة ولا
يرى لها قيمةً ووزنا بما يعتريها من زوالٍ وفراق يبدّلان ويفسّخان بتخريبهما
وأضرارهما الموجودات إلى مواد فانية تافهة عقيمة لا أهمية لها ولا جدوى منها)[1]
ولذلك
كان هذا التخريب العظيم لكل حقائق الكون مقتضيا للخلود في العذاب، يقول
النورسي:(فالذين لا يعرفون هذا الرحمن الرحيم ولا يَسْعون بالعبودية لحبِّه، بل
يَضلون إلى الإنكار فيُضمرون نوعا من العداء تجاهه.. هؤلاء ليسوا إلّا شياطين في
صور أناسي، وفي حكم نماردة صغار وفراعنة صُغر. ولاشك أنهم يستحقون عذابا خالدا لا
نهاية له)[2]
بناء
على هذا سنستعرض هنا ما ورد في النصوص المقدسة من الأصناف التي يحكم عليها
بالمؤبد، أو بالخلود في النار، لنرى الصفات الجامعة بينها، ذلك أن القراءة الصحيحة
لهذه النصوص هو التأمل في أسرارها، حتى نفطن للعلل التي يمكننا من خلالها أن
نتجاوز بالمثال قفص حروفه إلى فضاء معانيه، كما قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ
الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾
[العنكبوت: 43]
ومن تلك
النصوص قوله تعالى:﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنَا
أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾
(التغابن:10)، وقوله:﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا
أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (البقرة:39)، فهذه الآيات الكريمة تربط الخلود بالكفر والتكذيب بآيات الله، وبحقائق
الوجود على الرغم من قيام الحجج التي تدل