نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 533
ولكنه
قد لا يكون كافيا في تطهيره من الآثار التي كسبتها نفسه من جرائمه، ولذلك يحتاج
إلى التطهر منها في الدنيا، فإن لم تكفه الدنيا، ولا البرزخ بقيت تبعاتها عليه إلى
أن يتخلص منها، بغض النظر عن المدة المرتبطة بذلك.
وبذلك
تنسجم الرحمة مع العدالة مع تربية الله لعباده، ذلك أننا في الدنيا لا يمكن أن
نحكم بنجاح طالب من الطلبة ما لم يستوف الحد الأدنى من النقاط التي توجب نجاحه،
حتى لو بقي يكرر السنة طول عمره.
وقد
أشار إلى هذا المعنى العلامة الطباطبائي في تفسيره[1]، وذلك عند
عرضه لبعض الإشكالات المترتبة على القول بالخلود في العذاب، والمطروحة من قبل القائلين
بعدم الخلود، وخصوصا صدرالدين الشيرازي وابن عربي والقيصري وغيرهم، وهي نفسها التي
ذكرها ابن تيمية وابن القيم وغيرهما.
ومن تلك الإجابات رده على الإشكال
المتعلق بكيفية الجمع بين كون رحمة الله واسعة غير متناهية، وبين أن يخلق من مصيره
إلى عذاب خالد لايقوم له شيء؟
فقد
أجاب على هذا الإشكال بأن معنى الرحمة الإلهية هو الإفاضة لما يناسب الاستعداد التام
الحاصل في القابل، والرحمة رحمتان: رحمة عامة، وهي إعطاء ما يستعد له الشيء ويشتاقه
في صراط الوجود والكينونة، ورحمة خاصة، هي إعطاء ما يستعد الشيء في صراط الهداية إلى
التوحيد وسعادة القرب.. وإعطاء صورة الشقاء اللازم، الذي أثره العذاب الدائم للانسان
المستعد له باستعداده الشديد، لا ينافي الرحمة العامة بل هو منها، وأما الرحمة الخاصة
فلا معنى لشمولها لمن هو خارج عن صراطها، فلا منافاة بين العذاب الدائم والرحمة سواء
العامة منها أو الخاصة كما تبين، على أن الإشكال لو تم لجرى في