نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 304
لكن
هناك من ذهب إلى أن تلك الكتب لا تحوي إلا ما يؤجر به، أو
يؤزر عليه، وروي عن ابن عباس أنه يكتب كل شيء، ثم يمحى ما لا علاقة له بالتكليف،
قال ابن عباس:(يكتب كل ما تكلم به من خير أو شر، حتى أنه ليكتب قوله: أكلت، شربت،
ذهبت، جئت، رأيت. حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله، فأقَّر منه ما كان فيه
من خير أو شر وألقي سائره، وذلك قوله تعالى: ﴿يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ
وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ (الرعد:39)
ونرى ـ
والله أعلم ـ انطلاقا من عموم النصوص أن تلك الكتب تتضمن كل شيء، لأن سيرة الإنسان
بمجموعها هي التي تعبر عن حقيقته، وتعبر في نفس الوقت عن الملابسات المرتبطة
بأدائه للتكاليف.
وهذه
الكتب ـ كما تشير النصوص ـ لا تحوي فقط ظواهر الأعمال، بل تحوي كذلك باطنها،
والأحوال الصادرة عنها، ويدل على ذلك قوله a في الحديث القدسي:(قال الله عز وجل: إذا هم عبدي
بسيئة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة، فإن عملها فاكتبوها له سيئة، فإن تاب منها فامحوها
عنه، وإن هم عبدي بحسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة، فإن عملها فاكتبوها له بعشرة
أمثالها إلى سبعمائة ضعف)[1]
ويدل
عليه قبل ذلك عموم قوله تعالى:﴿ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾
(الانفطار:12)، فالفعل يطلق على عمل الظاهر والباطن، بل إن التكاليف الشرعية ألصق
بالباطن منها بالظاهر، بل إن الظاهر نفسه لا يصح إلا بالنية، وهي عمل الباطن، وقد
ربط a
أجور الأعمال بالنيات، فقال a:(إنما الأعمال بالنية، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله
ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة
[1]
رواه البخاري 13 / 391 ، ومسلم رقم (128) و (129).
نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 304