كل سلطان للشيطان عليه، لأنه لا يقترب إلا ممن فيه حظ
منه، كما قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ
الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى
الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} [النحل: 98 - 100]
ولهذا وصف الله
تعالى المتحررين من كيد الشيطان واستعماره وسلطانه بكونهم عبيدا لله، قال تعالى:
{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ
الْغَاوِينَ } [الحجر: 42]
فمن وقع في
الغواية خرج من العبودية، وصار فيه استعداد لاستحواذ الشيطان عليه، كما قال تعالى:
{اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ } [المجادلة:
19]
فإن نسي العبد
ذكر الله، نسي عبوديته، وتحول من حزب الله إلى حزب الشيطان، قال تعالى: {أُولَئِكَ
حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ}
[المجادلة: 19]
فإن حصل له ذلك
انتكست حقيقته الإنسانية لتصبح حقيقة شيطانية.. وحينها يمتلئ بالعذاب.. فكل من
خالف حقيقته وفطرته التي فطر عليها امتلأ بالعذاب، بقدر مخالفته.
فاحرص يا بني
بعد سماعك لهذه الحكمة القرآنية أن تجتهد في تحقيق العبودية لله، والتسليم المطلق
له.. فالخير كله عنده.. والحرية كلها لديه.. والسعادة كلها في خزائنه.