إنهم واهمون يا بني، فلا هم تنويريون، ولا هم منوّرون..
بل هم قوم غارقون في الظلمات، وكل ما تراه حولهم من أضواء، وكل ما تمتلئ به مدنهم
من مصابيح لن يشعل شمعة واحدة في قلوبهم.. والنور الذي لا يشع من القلب ظلام..
والمصابيح التي لا تقتبس نورها من مشكاة النبوة مجرد زجاج معتم مظلم، لا يتيح
لأصحابه إلا تلك الرؤية التي توهمها المنافقون يوم القيامة، ثم أظلمت عليهم أحوج
ما كانوا إليها.
لقد ذكر الله
تعالى ذلك في القرآن الكريم، وبين لنا من خلاله حقيقة النور، وحقيقة الممسكين
بمصابيحه، فقال: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ
آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ
فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ
الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد: 13]
إن هذه الآية
الكريمة تلخص حقيقة النور، فهو ليس نابعا من داخل الإنسان، ولا ناشئا عن عقله
وهواه.. وإنما هو هبة إلهية لأولئك الذين اجتهدوا صادقين في التماسه.. وكانت
مشكاتهم ومصابيحهم جاهزة بتواضعها وأدبها للاقتباس من نور الله.. الذي لا نور في
الكون غيره.
لقد قال تعالى
يوضح هذه الحقيقة العظيمة التي تاه عنها أولئك الذين يدعون التنوير: {اللَّهُ
نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ
الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ
مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ
زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي
اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ
وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النور: 35]
فالآية الكريمة
توضح أن النور صفة إلهية، وأنه في خزائن الله وحده، وأنه