تركنا الهندي يقرع رؤوس المجرمين، وسرنا في متاهات
مظلمة، لم نر شيئا مما فيها إلا أنا سمعنا أصواتا كثيرة مزعجة.
سألت صاحبي
عن وجهتنا، فقال: نحن نسير الآن إلى زعيم المستبدين، ورئيسهم.. ذلك الذي اجتمعت في
استبداده كل أنواع الاستبداد، وصبت في بحره كل أنهار الفتن.. ذلك الذي اجتمع
الأنبياء والأولياء على التحذير منه.. واجتمع الأشقياء والشياطين على التحضير له،
والاستعداد للقائه.
قلت: أراك
تقصد أمرا لا يصح لنا أن نخوض فيه.
قال: وما هو
هذا الذي خفت منه؟
قلت: أراك
تقصد الدجال.. فهو زعيم المستبدين.. وهو الذي اجتمع الكل على التحذير منه.. كما
يجتمع الكل على الترحيب به.
قال: أراك لم
تخطئ هدفي.. فما الذي يخيفك من التحاور معه.. أتخاف أن يفتنك؟
قلت: وحق لي
أن أخاف من أمر خاف منه السلف، وامتلأت بالمهابة منه قلوب الخلف.. ألم تسمع ما ورد
في الأحاديث من خوف الصحابة .. فعن النواس بن سمعان قال: ذكر رسول الله a الدجال ذات غداة، فخفض فيه ورفع، حتى ظنناه في طائفة
النخل، فقال a لما رأى مخافتهم :( غيرُ الدجال أخوفني
عليكم، إن يخرج وأنا فيكم؛ فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم؛ فامرؤ حجيج
نفسه، والله خليفتي على كل مسلم)[1]
قال: وأعلم
ما ري عن عائشة قالت: دخل عليّ رسول الله a
وأنا أبكي، فقال لي :( ما يبكيك؟)، قلت: يا رسول الله! ذكرت الدجال فبكيت. فقال
رسول الله a :( إن يخرج