القارئ متقيا
أثناء قراءته من أي وسوسة أو تلبيس شيطاني يصرف المعاني ويحول القلوب، وقد ورد ما
يدل على ذلك في قوله تعالى :﴿ وَمَا
أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى
أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي
الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (الحج:52)
والشيطان يتخذ في
تزييناته أسلوب المرحلية، فهو يبدأ مع كل شخص بحسب قابليته، ثم ينتقل معه خطوة
خطوة إلى أن ينتهي معه إلى آخر الطريق، قال تعالى محذرا من هذا الأسلوب الشيطاني
الذي لا ينتبه له إلا المراعون لأنفاسهم وخطراتهم وأحاديث قلبوبهم:﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ
فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ
عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ
اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾(النور:21)
أما آخر الطريق
الذي ينتهي عنده الشيطان مبتسما، وقد نجح في صياغة نسخة منه فيشرحها قوله تعالى :﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ
لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ
اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِين﴾(الحشر:16)
وهذا الذي يقوله
في الدنيا هو عين ما سيذكره في خطبته البليغة لأهل النار الذين يتجمعون حوله
يلومونه ويعنفونه، وينسبون كل جرائمهم إليه، وفي نص الخطبة ما يشير إلى أسرار تلك
التزيينات التي لم يكن للشيطان فيها من سلطة إلا سلطة الكلمة، ولم يكن من دافع
لسماعها إلا القابلية التي كان أهل النار مستعدين