وهذا هو موقف
القرآن من البحث في الآثار والتنقيب عنها ودراسة أحوال أهلها وأحوال التاريخ جميعا،
ولهذا نهى النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم عن الدخول إلى ديار الظلمة إلا بصحبة البكاء والخشوع، قال
a :( لا
تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا
عليهم لا يصيبكم ما أصابهم)[1]
بل ورد النهي عن
الاستقاء بمائهم أو استعماله، فعندما نزل a بالحجر في غزوة
تبوك وقد كان منازل لثمود، أمرهم أن لا يشربوا من بئرها ولا يستقوا منها،
فقالوا:قد عجنا منها واستقينا، فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين ويهريقوا ذلك الماء.
وليس هذا النهي من
باب التحذير من التلوث الذي قد يضر الصحة، بدليل إجازته أن يعلفوا الإبل ذلك
العجين، ولكن أنواع التلوث لا تقتصر على التلوث الظاهر الذي يؤذي الجسد، فهناك
التلوث الذي يخرب الروح ويكدر الصفاء، والذي لا يراه إلا مجهر النبوة.
والقرآن الكريم يخبر
أن الظالمين جميعا، من أمهل منهم ومن أخذ بذنوبه في الدنيا، سيكتشف هذه الحقيقة
يوم القيامة، حقيقة أن القوي الوحيد هو الله تعالى، ويترك بيان حالهم للنفس
لتتصوره كما تشاء، كيف يستقبلون تلك المعرفة
[1]
رواه مالك الموطأ (2119) و (الحميدي) 653 وأحمد 2/9 (4561).