فالآلاف يموتون في
أنحاء العالم بجريمة من جرائم ذلك الإنسان الأشقر، فلا يلتفت العالم لهم، ولا
يترحم عليهم، ولا يعزي ذويهم في مصابهم، لأن الموت هو المصير الحقيقي لهم، وهو
الخاتمة السعيدة لمأساة وجودهم، فإذا ما جرح فرد من أفراد ذلك الجنس المتميز انتهض
البشر جميعا لمداواة جراحه، وإذا ما فقد انتهضوا جميعا للبحث عنه، فإذا مات تحولوا
جميعا معزين ومواسين، والويل لمن لم يفعل كل ذلك، أو بعض ذلك.
هذه الشعوبية
والقبلية والعرقية هي التي وقفت قديما حائلا بين الشعوب واتباع أنبيائها، وهي التي
تقف حاليا بين هذا العالم الذي يدعي معرفة كل شيء، ويتصور أنه حقق كل شيء، وبين
الالتفات للبحث عن التفسير الصحيح للكون، والبحث الجاد عن حقيقة الإنسان.
نعم.. توجد آلاف
الدراسات في هذا الميدان، ولكن الجذور التي امتلأت القلوب زهوا بها وبطرا تحول
بينهم وبين النظرة الجادة المؤثرة، فهم قد يقبلون أي شيء، ولكن أن يقبلوا بدين
بدوي يسكن الجزيرة، فذلك شيء لا يخطر على بال المستعبدين بعبودية الجذور.
قد يقال : بأن
المسيح من الشام، فكيف يبجلونه، بل يعبدونه؟
وما درى هذا
السائل علاقة هؤلاء بالمسيح، وما درى أصل ارتباطهم بالمسيحية، وإلا كيف يفسر
انتهاض العالم المسيحي لأبراج التجارة في الوقت الذي لم ينبسوا فيه ببنت شفة أسفا
على كنيسة المهد.