وأخيرا يبين
القرآن الكريم أن الرياح التي هي جند من جند الله تصير جنديا خاضعا للمؤمن إن تخلى
عن أنانيته وتحلى بالعبودية لربه كما حصل ذلك لسليمان عليه السلام قال تعالى :﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً
تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ
شَيْءٍ عَالِمِينَ﴾(الأنبياء:81)،
وقال تعالى :﴿ فَسَخَّرْنَا
لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ﴾(ص:36)
بهذا التصور للريح
ينتفي من المؤمن الفرح الزائل الباطل بها، الكاذب على الحقيقة، والذي لأجله ذمه
القرآن الكريم، وينشأ بدله فرح جديد بكونها نعمة من الله ورسالة من رسائله وفضل من
فضله، فلا يكون عبدا لحركاتها المختلفة، تفيء به ذات اليمين وذات الشمال، بل يكون
عبدا خالصا لله، والله لا تعتريه الحوادث، ولا يصيبه التغير، والعاقل هو الذي يركن
إن ألم به الخطر إلى البناء الثابت لا إلى البناء الذي تهده الرياح.