تبدأ الآية بلفظ
التسيير المشتق من السير وتخبر أن سير الإنسان في البر والبحر من تقدير الله وفعل
الله وخلق الله، حتى حركات أقدامه وهو يرفعها ويخفضها ويطوي بها النجاد والوهاد من
تقدير الله، تلك الحركات التي قد يختال بها الإنسان ويزهو ويطاول الجبال.
ثم ينتقل المشهد
إلى البحر معتمدا أسلوب الخطاب الذي يحمل الأنس ويشعر المستمع بالقرب، ولكنه فجأة
يلتفت إلى الغائب، ويتحدث بصيغة الغائب ليشعر بالنفور والإبعاد والحجاب، ويخبر عن
الريح الطيبة التي تحرك السفن الشراعية، ويأتي الإنكار على موقفهم حيث فَرِحُوا
بِهَا ولم يفرحوا بمرسلها، أولم يكونوا يعتقدون أن لها مرسلا، حينذاك ﴿ جَاءَتْهَا رِيحٌ
عَاصِفٌ وَجَاءَهُمْ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ
بِهِمْ﴾، وحينذاك عرفوا
ربهم والتجئوا إليه بصدق ووعدوه أن يشكروه، ولكن المشهد ينتقل بعد ذلك إلى سكون
الريح وعودة الرياح الطيبة فإذا بهم يعودون إلى طبعهم وبغيهم وعتوهم، قال تعالى :﴿ فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ
فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾(
يونس:23)
ومثل هذه النفوس
التي تتقلب تقلب الرياح غير جديرة بأن تفرح الفرح