على بعض، إلا
أن يكون محذوره أن تتشوش عليه في الدنيا فراغته للعلم والعمل وما يعينه على الآخرة
فيكون مثاباً عليه.
قال الرجل:
فما الرابع؟
قال
المسعودي: أن يتفكر في قبح صورته عند الغضب بأن يتذكر صورة غيره في حالة الغضب،
ويتفكر في قبح الغضب في نفسه ومشابهة صاحبه للكلب الضاري والسبع العادي، ومشابهة
الحليم الهادئ التارك للغضب للأنبياء والأولياء والعلماء والحكماء، ويخير نفسه بين
أن يتشبه بالكلاب والسباع وأرذال الناس وبين أن يتشبه بالعلماء والأنبياء في
عادتهم لتميل نفسه إلى حب الاقتداء بهؤلاء إن كان قد بقي معه مسكة من عقل.
قال الرجل:
فما الخامس؟
قال
المسعودي: أن يتفكر في السبب الذي يدعوه إلى الإنتقام ويمنعه من كظم الغيظ، ولا بد
وأن يكون له سبب مثل قول الشيطان له: إن هذا يحمل منك على العجز وصغر النفس والذلة
والمهانة وتصير حقيراً في أعين الناس! فيقول لنفسه: ما أعجبك! تأنفين من الاحتمال
الآن ولا تأنفين من خزي يوم القيامة والافتضاح إذا أخذ هذا بيدك وانتقم منك؟
وتحذرين من أن تصغري في أعين الناس ولا تحذرين من أن تصغري عند الله والملائكة
والنبيين؟ فمهما كظم الغيظ فينبغي أن يكظمه لله، وذلك يعظمه عند الله، فما له
وللناس؟ وذل من ظلمه يوم القيامة أشد من ذله له انتقم الآن، أفلا يحب أن يكون هو
القائم إذا نودي يوم القيامة: ليقم من أجره على الله، فلا يقوم إلا من عفا؟ فهذا
وأمثاله من معارف الإيمان ينبغي أن يكرره على قلبه.
قال الرجل:
فما السادس؟
قال
المسعودي: أن يعلم أن غضبه من تعجبه من جريان الشيء على وفق مراد الله لا على وفق
مراده، فكيف يقول مرادي أولى من مراد الله؟ ويوشك أن يكون غضب الله عليه