قال
المسعودي: أن يتفكر في الأخبار الورادة في فضل كظم الغيظ والعفو والحلم والاحتمال،
فيرغب في ثوابه، فتمنعه شدة الحرص على ثواب الكظم عن التشفي والانتقام وينطفئ عنه
غيظه قال مالك بن أوس ابن الحدثان: غضب عمر على رجل وأمر بضربه فقلت: يا أمير
المؤمنين :﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ
الْجَاهِلِينَ (199)﴾ (الأعراف)، فكان عمر يقول:﴿ خُذِ الْعَفْوَ
وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)﴾ (الأعراف)،
فكان يتأمل في الآية، وكان وقافاً عند كتاب الله.. ومثل ذلك أمر عمر بن عبد العزيز
بضرب رجل ثم قرأ قوله تعالى :﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ
عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)﴾ (آل عمران)، فقال
لغلامه: خل عنه.
قال الرجل:
فما الثاني؟
قال
المسعودي: أن يخوف نفسه بعقاب الله وهو أن يقول في نفسه: (قدرة الله على أعظم من
قدرتي على هذا الإنسان، فلو أمضيت غضبي عليه لم آمن أن يمضي الله غضبه علي يوم
القيامة أحوج ما أكون إلى العفو، فقد قال تعالى في بعض الكتب القديمة: يا ابن آدم
اذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب فلا أمحقك فيمن أمحق، وقيل: ما كان في بني إسرائيل
ملك إلا ومعه حكيم إذا غضب أعطاه صحيفة فيها: ارحم المسكين واخش الموت واذكر
الآخرة، فكان يقرؤها حتى يسكن غضبه)
قال الرجل:
فما الثالث؟
قال
المسعودي: أن يحذر نفسه عاقبة العداوة والانتقام وتشمر العدو لمقابلته والسعي في
هدم أغراضه والشماتة بمصائبه وهو لا يخلو عن المصائب فيخوف نفسه بعواقب الغضب في
الدنيا إن كان لا يخاف من الآخرة.. وهذا يرجع إلى تسليط شهوة على غضب، وليس هذا من
أعمال الآخرة ولا ثواب عليه، لأنه متردد على حظوظه العاجلة يقدم بعضها