في بطنها
الفضلات ذات الروائح الكريهة، ولا تستريح ولا تهدأ إلا إذا تخلصت من هذه الفضلات.
إن مثل هذا
التذكر يساعد كثيراً في ردع النفس، وردها عن غيها، واقتلاع داء الإعجاب منها،
بل وحمايتها من التورط فيه مرة أخرى.
وقد لفت أحد الصالحين
النظر إلى هذه الوسيلة حين سمع معجباً بنفسه قائلاً :( أتعرف من أنا؟) فرد عليه
بقوله: (نعم : أعرف من أنت، لقد كنت نطفة مذرة، وستصير جيفة قذرة، وأنت بين هذا
وذاك تحمل العذرة)
وقد ذكر بعض
الشعراء هذا المعنى، وأحسن، فقال:
يا مظهر
الكبر إعجابا بصورته
لو فكّر النّاس فيما في بطونهم
هل في ابن آدم مثل الرّأس مكرمة
أنف يسيل وأذن ريحها سهك
يا بن التّراب ومأكول التّراب غدا
انظر خلاك فإنّ النّتن تثريب
ما استشعر الكبر شبّان ولا شيب
وهو بخمس من الأقذار مضروب
والعين مرفضّة والثّغر ملعوب
أقصر فإنّك مأكول ومشـــــــروب
قال آخر: علمنا
هذا.. فهل هناك بلسم غيره؟
قال الآجري: أجل..
تذكر حقيقة الدنيا والآخرة.. فإذا عرف المعجب بنفسه أن الدنيا مزرعة للآخرة، وأنه
مهما طال عمر الدنيا فإنها إلى زوال، وأن الآخرة هي الباقية، وأنها هي دار
القرار.. إذا عرف هذه الحقائق فإنه لا شك سيعدل من سلوكه، ويقوم عوج نفسه، قبل
أن تنتهي الحياة، وقبل أن تضيع الفرصة، ويفوت الأوان.
قال آخر: فما
غيره؟
قال الآجري:
تذكر النعم التي تغمر الإنسان، وتحيط به من كل الجهات، كما قال تعالى:﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ
اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18)﴾ (النحل)،
وقال تعالى