قال: (ولكن
الله يدرى، وسيقضى بينهما يوم القيامة)[1]
فكيف بك يا
مسكين فى يوم ترى صحيفتك خالية عن حسنات طال فيها تعبك، فتقول أين حسناتى، فيقال
نقلت إلى صحيفة خصمائك، وترى صحيفتك مشحونة بسيئات طال فى الصبر عنها نصبك، واشتد
بسبب الكف عنها عناؤك، فتقول يا رب هذه سيئات ما قارفتها قط، فيقال هذه سيئات
القوم الذين اغتبتهم وشتمتهم وقصدتهم بالسوء وظلمتهم فى المبايعة والمجاورة
والمخاطبة والمناظرة والمذاكرة والمدارسة وسائر أصناف المعاملة.
حدث رسول
الله a قال: (إن الشيطان قد يئس أن تعبد الأصنام بأرض
العرب، ولكن سيرضى منكم بما هو دون ذلك، بالمحقرات وهى الموبقات، فاتقوا الظلم ما
استطعتم، فإن العبد ليجىء يوم القيامة بأمثال الجبال من الطاعات فيرى أنهن سينجينه،
فما يزال عبد يجىء فيقول: رب إن فلانا ظلمنى بمظلمة، فيقول: امح من حسناته، فما
يزال كذلك حتى لا يبقى من حسناته شىء، وإن مثل ذلك مثل سفر نزلوا بفلاة من الأرض
ليس معهم حطب فتفرق القوم فحطبوا فلم يلبثوا أن أعظموا نارهم وصنعوا ما أرادوا)[2]، وكذلك الذنوب.
ولما نزل
قوله تعالى :﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ
إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)﴾
(الزمر)، قال الزبير: يا رسول الله أيكرر علينا ما كان بيننا فى الدنيا مع خواص
الذنوب، قال: (نعم ليكررن عليكم حتى تؤدوا إلى كل ذى حق حقه)[3]
فأعظم بشدة
يوم لا يسامح فيه بخطوة، ولا يتجاوز فيه عن لطمة، ولا عن كلمة حتى
[2]
رواه أحمد والبيهقى فى الشعب دون ذكر المثل، وأول الحديث رواه مسلم مختصرا من حديث
جابر: (إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون فى جزيرة العرب ولكن فى التحريش بينهم)
[3]
رواه أحمد واللفظ له والترمذى من حديث الزبير وقال حسن صحيح.