خَالِدِينَ فِيهَا
مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ
فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ (هود:107)، بينما ذكر أهل الجنة بعد الاستثناء بأن
عطاءهم غير مجذوذ، كما قال تعالى:﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ
خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ
رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾
(هود:108)
وقال عبد الرحمن بن
زيد بن أسلم:( أخبرنا الله بالذي يشاء لأهل الجنة، فقال تعالى:﴿ وَأَمَّا
الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ
وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ (هود:108)،
ولم يخبرنا بالذي يشاء لأهل النار)
ومثل ذلك ما ورد من
الاستثناء، بل رد الأمر إلى حكمة الله وعلمه في قوله تعالى:﴿ وَيَوْمَ
يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْأِنْسِ
وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْأِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ
وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ
خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ (الأنعام:128) وقال ابن عباس معلقا على هذه الاية:( إن هذه الآية
لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه لا ينزلهم جنة ولا نارا) [1]
وقد ذكر ابن القيم
وجوها لاستبعاد ارتباط الاستثناء في هذه الآية بغير الكفار، ومنها:
1. استكبارهم منهم
أي من إغوائهم وإضلالهم وإنما استكبروا من الكفار.
2. أنه عبر عنهم
بأنهم أولياؤهم، وأوليائهم هم الكفار، كما قال تعالى:﴿ إِنَّا جَعَلْنَا
الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ﴾ (لأعراف: 27)،
فحزب الشيطان هم أولياؤه.
3. أنهم شهدوا على
أنفسهم أنهم كانوا كافرين، ومع هذا قال:﴿ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا
شَاءَ اللَّهُ ﴾، ثم ختم الآية بقوله تعالى:﴿ إِنَّ
رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾،
[1] رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو
الشيخ.