مؤمناً متعمداً؟
فقال: جزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب اللّه عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً، قال:
افرأيت إن تاب وعمل صالحاً ثم اهتدى؟ قال ابن عباس: ثكلته أمه وأنى له التوبة
والهدى؟ والذي نفسي بيده لقد سمعت نبيكم a يقول: ثكلته
أمه قاتل مؤمن متعمداً، جاء يوم القيامة أخذه بيمينه أو بشماله تشخب أوداجه من قبل
عرش الرحمن، يلزم قاتله بشماله وبيده الأخرى رأسه يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني،
وإيم الذي نفس عبد اللّه بيده لقد أنزلت هذه الآية فما نسختها من آية حتى قبض
نبيكم a وما نزل بعدها من برهان)[1]
فهذه النصوص مع ما
تواترت به الأحاديث عن رسول اللّه a من أنه يخرج من النار من
كان في قلبه أدنى مثقال ذرة من إيمان يدل على أن الخلود لا يعني بالضرورة الأبد.
فنحن بهذا – كما يرى ابن القيم- بين أن نقول بخلود عصاة الموحدين في
النار، وبين أن نعتبر أن لفظ ( الخلود) لا يدل بالضرورة على الأبد الذي لا نهاية
له، والقول الثاني أهون من القول الأول.
قد يقال هنا: فأهل
الجنة كأهل النار إذن، فلا خلود للطرفين، ما دامت النصوص الدالة على الخلود واحدة.
والجواب عن هذا – كما يذكر ابن القيم- أن الله تعالى خص أهل الجنة بما يدل على الخلود الحقيقي الذي هو الأبد الذي
لا نهاية له، ومن ذلك قوله تعالى:﴿ إِنَّ
هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ﴾
(صّ:54)، وقوله تعالى عن نعيم الجنة:﴿ عَطَاءً
غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ (هود: 108)، وقوله تعالى:﴿ إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾