قال تعالى:﴿ هُوَ
الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ
إِلَى النُّورِ ﴾ (الأحزاب: 43)، فقد أخبر تعالى أن صلاة الله على عباده
تخرجهم من الظلمات إلى النور.
* * *
وانطلاقا من هذا،
فإن التوسل برسول الله a هو نوع من الحضور معه،
والشعور بمعيته، وله تأثير كبير في ربط القلب بمحبته، وهو السبيل الصحيح لسلوك
سنته.
فالتوسل بذلك،
والذي يستحضر فيه قلب السائل رسول الله a، ثم يستشفع به
إلى الله، مع الخلو من اعتقاد الوساطة الشركية، والامتلاء بالشعور بالمنة، يملأ
القلب شعورا برسول الله a.
أما اعتقاد أن هذا
خاص بحياة رسول الله a، فلا دليل عليه من
النصوص.. بل إن القول بذلك يحرم الأمة جميعا من هذا الخير الجزيل، فلا يتمتع به
على مقتضى هذا القول إلا المصاحبون لرسول الله a.
زيادة على ذلك،
فإنا نتوسل برسول الله a في كل الأحكام الشرعية،
فنرجع إليه لنعلم أحكام الله، بل الله تعالى هو الذي أمرنا بالرجوع إليه مطلقا حيا
أو ميتا، كما قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي
شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾
(النساء:59)، وليس هناك من يقول بأن هذا خاص بحياته a.
ثم، من قال بأن موت
رسول الله a يغاير حياته، فإن كان الشهداء، وهم أدنى بآلاف آلاف
الدرجات من رسول الله a قد نفى الله موتهم، ونهى
عن اعتقاد ذلك، فقال تعالى:﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ (آل
عمران:169)، فكيف برسول الله a وهو سيد الشهداء
والعارفين والنبيين؟