فكل صنف من هذه الأصناف
يدل على حال نفسية معينة تقتضي عذابا معينا، وإن كان صاحبها في الظاهر عالما
جليلا، وقد كان يحيى بن معاذ يقول لعلماء الدنيا:( يا أصحاب القصور قصوركم قيصرية
وبيوتكم كسروية وأبوابكم ظاهرية وأخفافكم جالوتية ومراكبكم قارونية وأوانيكم
فرعونية ومآثمكم جاهلية ومذاهبكم شيطانية فأين المحمدية)
ولذلك فإن الأعمال الصالحة للكفار، والتي
لم تمكنهم من دخول الجنة بسبب كفرهم وعدم إرادتهم بها وجه الله قد تخفف عنهم بعض
العذاب، فلا يستوي ـ ولو في جهنم ـ المحسن والمسيء، وقد قال سعيد بن جبير في قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً
يُضَاعِفْهَا﴾ (النساء: 40):( فأما المشرك فيخفف عنه العذاب يوم القيامة
ولا يخرج من النار أبداً)[2]
وروي من وجه آخر أن الأعمال الحسنة للكفار
يجازون عليها في الدنيا، قال a:( إن
اللّه لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا، ويجزى بها في الآخرة، وأما
الكافر فيطعم بها في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة لم يكن له حسنة)[3]
ولكن هذا ـ كما ذكرنا سابقا ـ لا يلغي جزاء
الآخرة، خاصة إن لم يجاز هذا الكافر في الدنيا على ما قدمه من خير.
بعد هذا، فإن عدالة
الله المطلقة ورحمته التامة الشاملة اقتضت أن لا يخلد في النار من كان في قلبه ولو
مثقال حبة خردل من إيمان، قال a في حديث الشفاعة
الطويل:( يقول اللّه