responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أسرار الأقدار نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 276

وهذه الأحاديث وأمثالها تشتبه على من لم يجمع بين فهم سر التوحيد والعدل، فالتوحيد يقتضي أن يعلم الله ما كان وما يكون، بل ما لا يكون لو كان كيف كان يكون، ويكون الحاضر والمستقل بالنسبة إليه سواء، لأن ذلك ما تقتضيه الألوهية، وقد قال a عن نفسه:( إنى عند الله مكتوب بخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بأول ذلك دعوة أبى إبراهيم وبشرى عيسى ورؤيا أمي رأت حين ولدتني أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام)[1]

فعلم الله تعالى هو العلم الذي تقتضيه الألوهية، وهو العلم في قمة كماله، وخطأ الذين يعترضون بمثل هذه الشبه هو قياسهم علم الله على علم البشر، وهو قياس ناشئ من خلل في فهم التوحيد.

وهو خلل ناشئ كذلك من سوء فهم للعدل، فالعادل هو الذي يوفر لك كل الأسباب، ويمنح لك كل الفرص، ثم يحاسبك بعد ذلك لا على علمه فيك، بل على مقتضى تصرفاتك، بل فوق ذلك يتيح لك فرص الدفاع عن نفسك واستئناف الحكم أو الطعن في الشهود في حال الحاجة إلى ذلك.

وكل هذه النواحي ـ والتي يتخلف أكثرها في كل أقضية الدنيا وحكوماتها ـ سنرى الشواهد الدالة عليها.

فالله تعالى منحنا حرية الاختيار التي نستشعرها، ولا يجادلنا أحد في استشعارنا لها، ومنحنا من القوى ما نؤدي به ما أمرنا به، وأخبرنا عن القانون الذي يتم على أساسه محاسبتنا، ووفر لنا من الدلائل ما يقتنع به العقل بصحة كل ذلك، ثم أخبرنا بأنه لا يحاسبنا على علمه فينا، بل يحاسبنا على ما كسبت أيدينا.


[1] رواه أحمد والطبراني والحاكم وأبو نعيم وغيرهم.

نام کتاب : أسرار الأقدار نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 276
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست