فالله تعالى قسم
عباده أقساما كثيرة.. وليس منها واحد من هذه الأقسام، فقد قال تعالى:﴿
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ
ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ
بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾ (فاطر:32)
فكل صنف من هذه
الأصناف قد يكون سنيا، وقد يكون شيعيا، وقد يكون من غيرهما.
ونحسب أن أي عاقل
يدرك هذا.. فالشيعي العامي البسيط الذي ولد لا يعرف إلا مذهبه.. وكان له من الصلاح
ما جعله يقوم الليل ويصوم النهار ويجاهد في سبيل الله، وتدمع عيناه خشية لله،
وشوقا لآل بيت رسول الله، أو حزنا على ما أصابهم.. هل يستوي مع ذلك الخامل السني
الذي يترفع بسنيته التي يتوهمها، ويحتقر بها غيره، ويتجهم بها في وجه غيره؟
وهكذا يقال للشيعي
الخامل الذي يحتقر السني العامل.
والله تعالى بعدله
لن يسأل الناس يوم القيامة عن متون العقائد، وهل حفظوها، وإنما يسألهم عما انطوت
عليه جوانحهم من الإيمان، وعما كسبته جوارحهم من السلوك[1].
ولهذا ورد في
الحديث قوله a:( إن رجلا كان قبلكم رغسه[2] الله مالا وولدا، فقال لبنيه لما أحتضر: أي أب كنت
لكم؟ قالوا: خير أب، قال: إني لم أعمل خيرا قط فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني، قم
اذروني في يوم عاصف، ففعلوا، فجمعه الله فقال: ما حملك؟ قال مخافتك فتلقاه برحمته)[3]
[1] للمؤلف رسالة مهمة في هذا، وهي مصاغة بشكل
روائي جذاب، سماها (الفرق الإسلامية ـ إعادة تصنيف)
[2]رغس: أي أكثر له منهما ويبارك له فيهما، والرغس:
السعة في النعمة والبركة والنما ( النهاية:2 / 283).