وفطرة الإنسان في ذلك
تشبه فطر الأشياء المختلفة، فالله تعالى ـ مثلا ـ خلق الماء طاهراً مطهراً، فلو
ترك على حالته التى خلقه الله عليها ولم يخالطه ما يزيل طهارته لم يزل طاهراً،
ولكنه بمخالطة المؤثرات الخارجية من الأنجاس والأقذار تتغير أوصافه ويخرج عن
الخلقة التى خلق عليها.
وقد بينت النصوص
الكثيرة هذه المؤثرات الخارجية لتفاديها، أو لإصلاح ما أفسدته هذه المؤثرات من
الفطرة الأصلة.
وأول هذه المؤثرات كما
يخبر رسول الله a هي المهد الذي ربي فيه الإنسان، كما قال a:( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه
كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء هل تجدون بها من جدعاء؟)[1]
ومن هذه المؤثرات
الشياطين، وهي أخطر المؤثرات، ولذلك اشتد التحذير منه في القرآن الكريم، وإلى هذا
المؤثر يشير قوله تعالى حكاية لقول الشيطان:﴿ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً
وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ
آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾
(النساء: 118 ـ 119)
فالشيطان في هاتين
الآيتين يتوعد بتغيير الفطرة الأصلية التي فطر عليها البشر، والتي تشمل كل شيء حتى
ما يتعلق منها بالجانب الخلقي.
وإلى هذا المؤثر ـ أيضا
ـ يشير قوله a في الحديث القدسي:( قال اللّه عزّ وجلَّ: إني خلقت عبادي حنفاء
فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم)[2]