تكلني إلى نفسي تقربني
من الشر، وتباعدني من الخير، وإني لا أثق إلا برحمتك، فاجعل لي عندك عهدا توفينيه
يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد إلا قال الله ادخل الجنة) [1]
وفي هذه الأدعية إشارة
جليلة إلى رحمة الله تعالى بعباده بحجبهم عن الغيب المرتبط بهم أو المرتبط بغيرهم.
ومما يروى في هذا ـ
ونحن نذكره من باب التمثيل لا من باب الوقوع الحقيقي، فهو مما نشك فيه ـ أن
إبراهيم u كان يعرج كل ليلة إلى السماء، فعرج به ذات ليلة،
فاطلع على مذنب على فاحشة، فقال: اللهم أهلكه يأكل رزقك ويمشي على أرضك ويخالف
أمرك، فأهلكه الله تعالى، فاطلع على آخر، فقال: اللهم أهلكه، فنودي: كف عن عبادي
رويداً رويداً، فإني طالما رأيتهم عاصين)
وفي رواية أخرى:
فأوحى الله إليه:( يا إبراهيم أين رحمتك للخلق؟ أنا أرحم بعبادي منك إما يتوبون
فأتوب عليهم، وإما أن أخرج من أصلابهم من يسبحني ويقدسني، وإما أن يبعثوا في
مشيئتي فأعفوا.. يا إبراهيم كفر ذنبك في دعوتك بدم قربان)، فنحر إبلا، فنودي في
الليلة الثانية: كفر ذنبك بدم فذبح بقراً، فقيل له في الثالثة، فذبح غنماً، فقيل
له في الرابعة كذلك، فقرب من الأنعام إل الله ما بقي عنده، فقيل له في الخامسة،
فقال:( يا رب لم يبق لي شئ)، فقيل له:( إنما تكفر ذنبك بذبح ولدك لأنك دعوت على
العصاة فهلكوا)، فلما شمر لذلك وأخذ السكين بيده قال:( اللهم هذا ولدي وثمرة فؤادي
وأحب الناس إلي)، فسمع هاتفاً يقول:( أما تذكر الليلة التي سألت إهلاك عبادي، أو
ما تعلم أني رحيم بعبادي كما أنت شفيق بولدك)[2]
[2] وقد روي في مثل هذا حديث مرفوع رواه ابن
مردويه، وقد ذكر ابن كثير أنه لا يصح، قال:(لما رأى إبراهيم ملكوت السموات والأرض
أشرف على رجل على معصية من معاصي الله فدعا عليه فهلك، ثم أشرف على آخر على معصية
من معاصي الله فدعا فهلك، ثم أشرف على آخر فذهب يدعو عليه، فأوحى الله إليه: أن يا
إبراهيم أنك رجل مستجاب الدعوة فلا تدع على عبادي، فإنهم مني على ثلاث: إما أن
يتوب فأتوب عليه، وإما أن أخرج من صلبه نسمة تملأ الأرض بالتسبيح، وإما أن أقبضه
إلي فإن شئت عفوت وإن شئت عاقبت)