ومن هذا الإطلاع ما
أخبر عنه رسول الله a أمته من النبوءات الغيبية، والمقصد منها إثبات نبوته
لكل الأجيال من جهة، وتنبيه أمته لما تفعله عند نزول تلك الفتن من جهة أخرى.
ومن ذلك ـ مثلا ـ
ذكره a للمراحل التي تمر بها الأمة من خيرها وشرها، حدث
حذيفة بن اليمان عن ذلك، فقال: كان الناس يسألون رسول الله a عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا
رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد الخير من شر؟
قال: نعم. قلت: فهل بعد الشر من خير؟ قال: نعم. وفيه دخن. قلت: وما دخنه؟ قال: قوم
تعرف منهم وتنكر. قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم،
من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله، فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال:
تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل
تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت، وأنت كذلك. قلت: يا رسول
الله صفهم لنا. قال: هم قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا»[1]
فقد اختصر a في هذا الحديث كل الأطوار التي تمر بها أمته، ثم بين نواحي
الخلل فيها، وكيفية تداركه.. وهو يحمل في حد ذاته رسالة نصح للأمة لا ينتهي مددها.
ومن النبوءات
الغيبية المرتبطة بهذا ما أخبر به a عن أنواع الحكم التي
ستمر بها الأمة، وكأنه a يضع منحنى بيانيا
لاستقامته وانحرافه، فقد جاء في الحديث قوله a: (تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء
أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها
إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون