فالقرآن
الكريم إذن يفسر سر ولادة الكون الذي تاه فيه الفلاسفة وغيرهم، ثم خبطوا بعقولهم
خبط عشواء، بهذا التفسير البسيط المعقول الذي تؤيده كل الأدلة، وهو أن كل شيء قانت
لله.. ولا يمكنه إلا أن يقنت لله.
***
وقنوت
الأشياء لله، وخضوعها لأمره (كن) مستمر في كل الأحوال، فالكون الذي أطاع الله
ابتداء، فخرج إلى الوجود بأمر (كن) لا زال يجيب الله.. وسيظل يجيبه.
وإلى
هذه الاستمرارية في القنوت الإشارة بقوله تعالى:﴿ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا
هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا)(هود: 56)، وقوله تعالى:﴿ فَسُبْحَانَ الَّذِي
بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (يّـس:83)
وقد
أقرت الكائنات بهذه الطاعة لله تعالى، كما قال تعالى:﴿ ثُمَّ اسْتَوَى
إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً
أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ (فصلت:11)
وهذا
هو الجواب الإلهي عن كل التساؤلات المحيرة التي يتيه فيها الغافل، وينكرها الملحد.
فعندما
تعجبت مريم ـ عليها السلام ـ أن تلد من غير زواج، أخبرها الله تعالى