وعن
هذا المعنى عبر الغزالي بقوله:( ومن هذا القبـيل في كنايته عن الاقتدار قوله تعالى:﴿ إنَّما قَوْلُنَا لِشيءٍ إذَا أرَدْنَاهُ أنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ
فَيَكُونُ﴾، فإن ظاهره ممتنع إذ قوله (كن) إن كان خطاباً للشيء قبل وجوده فهو
محال إذ المعدوم لا يفهم الخطاب حتى يمتثل وإن كان بعد الوجود فهو مستغن عن
التكوين، ولكن لما كانت هذه الكناية أوقع في النفوس في تفهيم غاية الاقتدار عدل
إليها)[1]
ومن
الإجابات في هذا ما يسمى (بالأعيان الثابتة في العدم).. وأن ثبوت الأشياء في حال
عدمها هو الذي جعلها أهلا لأن تخاطب وتكلف بالخروج من العدم إلى الوجود[2].
وكل ذلك يمكن أن يكون صحيحا، ولكن الأصح هو التسليم لله في قوله،
واعتبار ما قاله حقيقة قد لا تستوعب عقولنا صورتها.. وليس للعقل المحدود أن يتجرأ
على تصور اللامحدود.
وهذا
التفسير لطريقة وجود الكون وصدوره عن خالقه يقي المؤمن من التصورات المختلفة التي
حاول البشر بعقولهم الضعيفة أن يصوروا بها هذا الصدور، ثم يؤسسوا علاقة الكون بربه
على أساسه.
[2] وهذا كما
هو معلوم قول ابن عربي، وقد ذكر مثله بعض المعتزلة، وليس في هذا القول ما يمكن أن
يبدع أو يكفر به أحد من الناس، فالصفر.. وإن لم يكن له وجود عيني إلا أن له وجودا
ذهنيا اعتباريا، بالإضافة إلى كل ما نحلم به من أشياء ليست موجودة، فلولا ثبوتها
مع عدمها ما أمكننا توهمها.
هذا عن القول أما ما قد يستلزمه هذا القول من مفاهيم خاطئة..
فذلك شيء آخر، والتوجه بالتخطئة حينئذ يكون للاستلزام لا للقول.