ذكر
أحد علماء التاريخ الطبيعي، وهو (رويال ديكنسون) في كتابه ( شخصية الحشرات) أنه ظل
يدرس مدينة النمل حوالي عشرين عاماً في بقاع مختلفة من العالم فوجد نظاماً لا يمكن
أن نراه في مدن البشر، وراقبه وهو يرعى أبقاره، وهي عبارة عن خنافس صغيرة رباها
النمل في جوف الأرض زماناً طويلاً حتى فقدت في الظلام بصرها.
وذكر
أن أمة النمل ـ شأنها شأن أمة الإنسان ـ قد سخرت مئات الأجناس من حيوانات أدنى
منها جنساً في مصالحها، ومنها ( بق النبات)، وهو حشرة صغيرة تعيش على النبات ويصعب
استئصالها، لأن أجناسها كثيرة من النمل ترعاها، ولأن داخل المستعمرة لا يمكن أن
تعيش النباتات، فإن النمل يرسل الرسل لتجمع له بيض هذا البق حيث تعنى به وترعاه
حتى يفقس وتخرج صغاره، ومتى كبرت تدر سائلاً حلوا كالعسل يقوم على حلبه جماعة من
النمل لا عمل لها إلا حلب هذه الحشرات بمسها بقرونها، وتنتج هذه الحشرة 48 قطرة من
العسل كل يوم، وهذا ما يزيد مائة ضعف عما تنتجه البقرة إذا قارنا حجم الحشرة بحجم
البقرة.
ووجد
أن النمل زرع مساحة بلغت خمسة عشر متراً مربعاً من الأرض حيث قامت جماعة من النمل
بحرثها على أحسن ما يقضى به علم الزراعة، فبعضها زرع الأرز، وجماعة أزالت الأعشاب،
وغيرها قامت لحراسة الزراعة من الديدان.
و
لما بلغت عيدان الأرز نموها، وكان يرى صفاً من شغالة النمل لا ينقطع، يتجه إلى
العيدان فيتسلقها إلى خب الأرز، فتنزع كل شغالة من النمل حبة، وتنزل