الدنيا والآخرة جناح بعوضة، ولا أن ينقص منها جناح بعوضة، ولا أن
يرفع منها ذرّة ولا أن يخفض منها ذرّة، ولا أن يدفع مرض أو عيب أو نقص أو فقر أو
ضر عمن بلي به، ولا أن يزال صحة أو كمال أو غنى أو نفع عمن أنعم الله به عليه، بل
كل ما خلقه الله تعالى من السموات والأرض ـ إن رجعوا فيها البصر وطولوا فيها النظر
ـ ما رأوا فيها من تفاوت ولا فطور وكل ما قسم الله تعالى بين عباده من رزق وأجل
وسرور وحزن وعجز وقدرة وإيمان وكفر وطاعة ومعصية، فكله عدل محض لا جور فيه، وحق
صرف لا ظلم فيه بل هو على الترتيب الواجب الحق على ما ينبغي وكما ينبغي وبالقدر
الذي ينبغي، وليس في الإمكان أصلاً أحسن منه ولا أتم ولا أكمل)[1]
ثم
علل ذلك بقوله:( ولو كان وادخره مع القدرة ولم يتفضل بفعله لكان بخلاً يناقض الجود
وظلماً يناقض العدل)[2]
ومن
هذا المنطلق وردت الآيات القرآنية الكثيرة تتحدث عن منافع هذا الكون المسخر، وهي
منافع تستدر حمد العبد من جهة، كواجب أخلاقي يقتضيه استشعاره للنعمة، وهي في نفس
الوقت ضوابط تحد من التصرف العشوائي العبثي للكون بعيدا عن مراعاة الحكمة.
وإلى
هذا المعنى الثاني الإشارة بقوله a:( بينما رجل يسوق بقرة له قد