فالملكية
المخصوصة باليوم الآخر، لا تنفي ملكية الدنيا، بل هي استمرار لها، والمراد
بتخصيصها هو الإخبار عن اكتشاف الجاحدين والغافلين لها، وهو اكتشاف بعد فوات
الأوان، ولات ساعة مندم.
ولهذا
لا يصح ما يردده المسيحيون، وينسبونه للمسيح u:( دعوا ما لقيصر لقيصر، وما
لله لله)، بل الصحيح أن قيصر وما لقيصر لله ملكا وتدبيرا، وحكما وتقديرا.
التدبير:
كما
أن كل شيء من الكائنات ملك لله، لا يحق التصرف فيه إلا باسم الله، فإن كل شيء مما
نراه من أنواع التدبير ملك لله كذلك، فالله تعالى هو
المتصرف في كل شيء المحرك لكل شيء الفاعل لكل شيء[1]، قال تعالى:﴿
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا
مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ
فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ (يونس:3)
والقرآن
الكريم مليء بذكر أنواع التدبير الإلهي للأشياء، وهو يعرضها بصيغ مختلفة ليقرأ
المؤمن من خلال تدبير الله للأشياء صفات الكمال لله، قال تعالى:﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ
يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ
[1] انظر
التفاصيل المرتبطة بهذا في رسالة (أسرار الأقدار) من هذه السلسلة.