بل
لو كان بيد هؤلاء أي ملك، فإن ملكهم سيبقى قاصرا عليهم، قال تعالى:﴿ أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ
نَقِيراً﴾ (النساء:53)، وقال تعالى:﴿ قُلْ لَوْ أَنْتُمْ
تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ
الْأِنْفَاقِ وَكَانَ الْأِنْسَانُ قَتُوراً﴾ (الاسراء:100)
وهؤلاء
الجاحدون ـ الذين غفلوا عن ملكية الله للأشياء في الدنيا ـ سيدركونها يوم القيامة،
ولذلك يجيئ التعبير القرآني مخبرا عن ملكية الله للأشياء في الآخرة، وهو لا يعني
عدم ملكيته لها في الدنيا، وإنما هو إخبار عن تعرف الجاحدين والغافلين حينها على
هذه الملكية، كما قال تعالى:﴿
مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ (الفاتحة:4)
وهؤلاء
الجاحدون ـ كما يخبر القرآن الكريم ـ يقرون بهذه الملكية:﴿ يَوْمَ هُمْ
بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ
لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ (غافر:16)
وقد
صور ابن مسعود ذلك المشهد بقوله:( يحشر الناس على أرض بيضاء مثل الفضة لم يعص الله
جل وعز عليها، فيؤمر مناد ينادي:( لمن الملك اليوم)، فيقول العباد مؤمنهم وكافرهم:
(لله الواحد القهار)، فيقول المؤمنون هذا الجواب سرورا وتلذذا، ويقوله الكافرون
غما وانقيادا وخضوعا.