ومثالُُ هذا مثال
العدو إذا انتهت قُوَّته، وفرغ سِلاحُه، كان أخذُه سهلاً، فإذا ولَّى وأخذ فى
الهرب، كان أسهلَ أخذاً، وحِدَّته وشَوْكتُه إنما هى فى ابتدائه، وحال استفراغه،
وسعة قُوَّته، فهكذا الداء والدواء سواء.
قالوا: أراك تتعامل
مع المرض كعدو يهجم على الإنسان.
قال: أجل.. فلذلك
أسسنا الحصون التي تحمي الروح والجسد من العلل.
قالوا: أهذا فقط ما
يراد بمراعاة الحوال؟
قال: لا.. هناك شيء
أسميه التدرج..
قالوا: فما التدرج؟
قال: هو سنة من سنن
الصالحين.. بل قبل ذلك هو سنة من سنن رب العالمين.. فلذلك من حِذق الطبيب أنه حيث
أمكن التدبير بالأسهل، فلا يَعْدِلُ إلى الأصعب، ويتدَّرج من الأضعف إلى الأقوى
إلا أن يخاف فَوتَ القُوَّة حينئذ، فَيجبُ أن يبتدىء بالأقوى.
قالوا: تقصد أن لا
يبدأ بالدواء الأكثر تركيزا حتى يبدأ بما هو دونه.
قال: أجل.. ولهذا
ينبغي أن يسجل التاريخ المرضي لكل مريض، ويحفظ بحيث يتعرف الطبيب على كل ما أصاب
المريض من علل، وأنواع العلاج التي يستخدمها ليتسنى له علاجها وعدم حصول تداخل بين
الأدوية.
قالوا: فكيف نطبق
هذا؟
قال: أنتم أعلم
بأمور ديناكم.. ولكن التقنيات التي توصلم لها في حفظ المال طبقوها في حفظ الصحة..
فحفظ الصحة أهم من حفظ المال.
قالوا: ما تقصد؟
قال: رأيت في بنوك
أرض الصراع كيف تسجل كل جزئية صغير أو كبيرة ترتبط بالمال.. فالبنك يسجل كل ما
يدخل أو يخرج بمواقيته.. وإلى كل الأمكنة تنتقل المعلومات.