وعندما نزل قوله تعالى:﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا
أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ
مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً﴾ (النساء:123) بلغت من المسلمين
مبلغا شديدا فقال رسول الله a: (قاربوا وسددوا، ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى
النكبة ينكبها، أو الشوكة يشاكها)[1]
والنصوص الكثيرة تنطق بهذا المعنى، فعندما دخل عبد الله بن
مسعود على النبي a
في مرضه وجده وهو يوعك وعكا شديدا، فقال: إنك لتوعك وعكا شديدا، إن ذاك بأن لك
أجرين قال: (أجل ما من مسلم يصيبه أذى إلا حات الله عنه خطاياه كما تحات ورق
الشجر)[2]
ولذلك يتخلص المؤمن في مرضه ـ بقدر سعة صبره ورضاه ـ من كل
الذنوب التي رانت على قلبه، قال a: ( إنما مثل المريض إذا برأ وصح كالبردة تقع من السماء في
صفائها ولونها)[3]
ويخبر ابن عباس قال: شكا نبى من الأنبياء ـ عليهم الصلاة
والسلام ـ إلى ربه فقال: (يا رب، العبد المؤمن يطيعك ويجتنب معاصيك تزوى عنه
الدنيا وتعرض له البلاء ويكون الكافر لا يطيعك ويجترىء عليك وعلى معاصيك تزوى عنه
البلاء وتبسط له الدنيا فأوحى الله تعالى إليه إن العباد والبلاء لي وكل يسبح
بحمدى فيكون المؤمن عليه من الذنوب فأزوى عنه الدنيا وأعرض له البلاء فيكون كفارة
لذنوبه حتى يلقانى فأجز به بحسناته ويكون الكافر له الحسنات فأبسط له فى الرزق
وأزوى عنه البلاء فأجزيه بحسناته فى الدنيا حتى يلقانى فأجزيه بسيئاته)
قلت: ألهذا إذن وردت النصوص بالنهي عن سب المرض، فقد دخل a على أم السائب، فقال: (ما لك
يا أم السائب تزفزفين؟) قالت: (الحمى، لا بارك الله فيها)، فقال: (لا