المتألمة، ولولاه لزلزل بها.
قلت: أهي الصبر؟ فالثبات هو ثمرة الصبر.. وهو نعمة تجعل في القلوب قدرة عجيبة على التحمل والتعايش مع البلاء.
قال: هي قريبة من نعمة الصبر.. ولكنها أعظم شأنا.
قلت: كيف؟
قال: السكينة هبة ربانية تنزل على من توفرت فيهم الأهلية، بينما الصبر عمل إنساني وجهد يمارسه المكلف ليتحقق به[1].
قلت: ألهذا ورد الأمر بالصبر، ولم يرد الأمر بالسكينة، فقد قال تعالى:﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ (البقرة:45)، وقال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ((البقرة:153)، وقال تعالى:﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ (آل عمران:186)، وقال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (آل عمران:200)، ولم يأت في آية واحدة الأمر بالسكينة.
قال: السكينة لا يؤمر بها، لأنها تتنزل.. وما يتنزل لا يؤمر به.. وإن صح أن يؤمر به، فإنه يؤمر بالتحقق بأهلية التنزل.
قلت: وما أهلية التنزل؟
قال: وقوف المؤمن في مواقف الخوف والشدة والزلزلة.
قلت: لقد نهينا عن طلب البلاء.
[1] وقد يتفق الصبر السكينة في كونهما هبة ربانية، كما في قوله تعالى:) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ (البقرة:250)